ملخص المقال
باريس - في ظل واقع فرنسي يغلب عليه تشتت في الانتماء بالنسبة لشباب الجيل لثاني والثالث من مسلمي فرنسا بين انتمائهم إلى فرنسا وبين انتمائهم إلى بلدانهم الأصلية، مثّل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دافعا قويا لارتباط هذه الأجيال بعمقها العربي والإسلامي؛ الأمر الذي دفع السلطات الفرنسية والعديد من المنظمات اليهودية إلى تكرار المطالبة بالفصل بين ما يجري في الشرق الأوسط وبين فرنسا. ففي المسيرات والفعاليات العديدة التي تجري في فرنسا دعما لقطاع غزة تقدم الصفوف الأولى لهذا المسيرات شباب من الجيل الثاني والثالث، بعضهم لا يحسن حتى التحدث بالعربية، رافعين الشعارات التي تثبت ارتباطهم بإخوانهم بفلسطين ومساندتهم المطلقة للمقاومة في دفاعها على قطاع غزة. "نحن أمام حركة تضامن طبيعية وتلقائية من قبل شباب الضواحي من أصول مسلمة الذي تشبع بالثقافة الفرنسية بإخوانهم في فلسطين".. يقول محمد هنيش الكاتب العام لاتحاد المنظمات المسلمة في المنطقة 93 أحد ضواحي باريس. وفي تصريحات خاصة لشبكة "إسلام أون لاين" يضيف هنيش: "هؤلاء الشباب كان أول من تقدم صفوف التظاهرات من أجل دعم غزة لأنه إضافة إلى شعوره بالارتباط بما يجري من غزة عرقا ودما ورابطة دينية، فإن العدوان الذي يقع في غزة يحرك كل من له ضمير إنساني يأبى الظلم ويريد تحقيق العدل". وأصبح "الشال" الفلسطيني رمز المقاومة الفلسطينية أحد مميزات لباس شباب الضواحي منذ بدء العدوان الإسرائيلي يوم 27 ديسمبر الماضي. وتشهد مقاهي المنطقة 93 والتي تعرف باسم "سانت سانت ديني" شمال باريس تجمعات يومية في من أجل مشاهدة الفضائيات العربية التي تتابع على مدار الساعة تطورات العدوان، وبدا واضحا لمن يتابع مشهد هذه التجمعات أنه حتى بالنسبة للشباب الذين لا يحسنون التكلم بالعربية فإن الصور في حد ذاتها تكفي بالنسبة لغالبيتهم لفهم حقيقة المجزرة التي تقع بحق سكان قطاع غزة. صحوة "غير مسبوقة" وشاركت العيد من المنظمات والجمعيات الشبابية المسلمة في ضواحي المدن الفرنسية في المظاهرات المساندة لقطاع غزة، ويقول في هذا عادل المديري، الناشط في ائتلاف "شباب وضواحي": "منذ بداية الأحداث لاحظنا رغبة من كل الشباب في منطقتنا في جنوب باريس في المشاركة في كل التظاهرات من أجل تبليغ الرأي العام الفرنسي بحقيقة ما يجري في غزة". وفضلا عن التعاطف- يواصل المديري- فإن غزة "علمتنا الكثير من المعاني الحقيقة للانتماء إلى الأمة العربية والمسلمة؛ لأنها مثلت هذا الوجه المقاوم من هذه الأمة". من جهته يقول الشيخ ضو مسكين، الكاتب العام لمجلس الأئمة بفرنسا: "هذا الشعور الذي نراه قويا بالانتماء إلى العالمين العربي والإسلامي كثيرا ما يخبو ولا يظهر في الحياة اليومية الفرنسية، ولكنه يبرز كلما يقع شيء لإخواننا في فلسطين أو في العراق أو في غيرهما من البلدان الإسلامية، وهو يثبت أن إرادة صهر هذه الأجيال وتذويب ثقافتها وانتمائهما عملية محكوم عليها بالفشل". من جهته يصف الحاج تهامي إبريز، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا اهتمام الشباب المسلم في فرنسا بعدوان غزة بأنه "يعبر عن صحوة انتماء لم نشهدها في فرنسا منذ 50 عاما من الوجود الإسلامي بفرنسا". وعقب بعض أحداث الشغب الذي حدثت بعد تظاهرة يوم السبت 3-1-2009، والتي شارك فيها حوالي 50 ألف شخص بشوارع العاصمة باريس، أغلبهم من شباب الجيل الثاني والثالث، اجتمعت وزيرة الداخلية الفرنسية، ميشال إليوت ماري، بكل من محمد الموساوي -رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (الممثل الرسمي للإسلام بفرنسا)-وريشارد باسكي -رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية بفرنسا- من أجل الدعوة إلى "ضبط النفس"، والعمل على الحد من عمليات "تصدير الصراع بفرنسا بين الجاليتين المسلمة واليهودية بفرنسا". وشملت أحداث الشغب بعض الاعتداءات ضد أفراد يهود في بعض ضواحي المدن الفرنسية. وردا على هذه الدعوات للفصل بين ما يقع في غزة وما يقع في فلسطين، أكدت مصادر مسئولة بالأقلية المسلمة أن شباب مسلمي فرنسا "يحملون من الوعي للتفريق بين الأمرين، وأن بعض الأحداث التي سجلت ضد المواطنين اليهود تبقى أمرا شاذا واستثنائيا". وفي هذا السياق يقول حسن شلجومي رئيس الجمعية المسلمة بمنطقة درونسي شمال باريس: "شبابنا وبالرغم من غضبه لا يخلط بين الأمرين، والحوادث التي وقعت لبعض الأفراد من المواطنين اليهود مؤخرا نحن ندينها؛ لأنها لا علاقة بحركة التضامن مع قطاع غزة".
التعليقات
إرسال تعليقك