التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
مملكة غانا مملكة قديمة وذات جذور عريقة ممتدة في أرض الحضارة الإسلامية والإنسانية بكل عام، فما تاريخ تلك المملكة العريق؟ وكيف دخلها الإسلام؟ وما أهم
مملكة غانــــا
ليس من السهولة بمكان تحديد موقع غانا جغرافيًّا بشكلٍ دقيق؛ إذ يظهر أنَّ كلَّ المؤرِّخين -وهم جميعًا عرب- الذين كتبوا عنها في القرون الوسطى لم يُعاينوها؛ وإنَّما نقلوا أخبارها عن غيرهم، وكادت الروايات الشفهيَّة أن تَنْسى غانا، ويبدو أنَّها كانت قويَّة وثريَّة ارتبطت بعلاقات وثيقة مع بربر الصحراء الكبرى، وقد تكون حدودها الشماليَّة وراء مدينة "أودغشت" الغنيَّة بالملح، وقد يكون بعض أطراف السنغال جزءًا منها.
وكانت تشتمل على جزءٍ هامٍّ من موريتانيا الحاليَّة ومناطق من غرب مالي، وكانت "أودغشت" الواقعة في قلب الصحراء قد احتلَّتها غانا سنة 990م، وظلَّت تحت سيطرتها إلى أن فتحها المرابطون سنة 1054م.
وكانت عاصمة غانا هي كومبي صالح القريبة من مدينة نيرو، وكانت العائلة المالكة تحمل الاسم العشيري "سيسي" [CUSSE]، وهي من جماعة "سونينكي"، ولم ينتشر الإسلام بين أفراد الطبقة الأرستقراطيَّة الحاكمة، غير أنَّ صلتها بالمسلمين كانت قويَّة.
الإسلام في غانــا
إنَّ اختلاف التجار المسلمين على بلاد غانا، وتكاثف التبادل، والوفود، والتَّسامح الديني الذي كان يتحلَّى به النظام القائم، ساعد ذلك كلُّه على تغلغل العقيدة الإسلاميَّة بين الأهالي سلميًّا، وبلغ الأمر إلى أنَّ أفرادًا من الجالية الإسلاميَّة تقلَّدوا وظائف عليا في البلاط الملكي، وكانت معرفة المسلمين بالكتابة والقراءة عاملًا حاسمًا في هيمنتهم على مرافق هامَّة من جهاز الإدارة العامَّة والحياة الاقتصاديَّة، وبمرور الزمن ازدادت أهميَّة الجالية الإسلاميَّة في غانا إلى درجة أنْ كان لها حيٌّ خاصٌّ بها بعاصمة المملكة، فيه اثنا عشر مسجدًا.
وظلَّت غانا محتفظة باستقلالها السياسي إلى أن لاحت في الأفق حركة عبد الله بن ياسين الإسلاميَّة.
نهاية غانــــا
تاق المرابطون إلى فتح مملكة غانا، فبعثوا أوَّلًا جيشًا بقيادة يحيى بن عمر سنة 1054م، فاستولى على "أودغشت" وطرد منها الحامية الإفريقيَّة، ومن "أودغشت" توجَّهت جحافل لمتونة نحو عاصمة غانا "كومبى صالح ".
وكان المرابطون يستهدفون نشر الإسلام في منطقةس لم يكن الإسلام معروفًا لأهلها جميعًا في ذلك العهد، وهذا خلاف ما يزعمه بعض المؤرِّخين أنَّ لعاب قادة المسلمين كان يسيل لَدَى ذِكْر ثروة غانا؛ حيث ينبت الذهب مثلما ينبت العشب، فاندفعوا إلى فتحها، وعندما تولَّى أبو بكر بن عمر زعامة جيوش المرابطين في الصحراء نجح في الاستيلاء على "كومبي صالح " سنة 1076م.
ويُلاحظ أنَّ سيطرة المرابطين على غانا لم تدم طويلًا؛ إذ سرعان ما قامت انتفاضات وثورات، ليست ضدَّ الإسلام الذي جاءت به جماعة أبي بكر بن عمر، بل كانت تستهدف تحقيق إدارةٍ غانيَّة.
ففي غضون ذلك استُشهد ابن عمر أثناء اشتباكات مع الغانيِّين، وبوفاته اضمحلَّت سلطة المرابطين السياسيَّة، في الوقت الذي كان يُحقِّق ابن عمِّه يوسف بن تاشفين انتصارات باهرة في المغرب والأندلس.
لم تكن انتصارات أصحاب عبد الله بن ياسين ذات بالٍ من الناحية العسكريَّة والسياسيَّة؛ إذ لم يدم وجودهم في غانا أكثر من خمس عشرة سنة، لكن هذا الحضور الخاطف ترك أثرًا طيِّبًا للإسلام في المنطقة كلِّها لإسهامه في توصيل صدى الإسلام إلى نواحٍ بعيدة من غرب إفريقيا لم يكن قد وصلها من قبل، ممَّا مهَّد الطرق أمام دعاة حقَّقوا ما لم تُحقِّقه الحملة العسكريَّة، وخليقٌ بنا أن نُلمِّح إلى أنَّ بعض المصادر تُشير إلى أنَّ ملك تكرور "وارانجاي" [WAR N'DIAYE] الملقَّب بأبي الدرداء قد أخذ نصيبًا وافرًا في حملات المرابطين بعد أن أسلم.
والخلاصة، أنَّ حملة المرابطين على غانا لم يترتَّب عليها ترسيخ مباشر لدعائم الإسلام بقوَّة السلاح في تلك البلاد؛ إنَّما تمخَّض عنها أنَّ طائفةً من سكان المدن الذين لم يُسلموا قبل الحملة المرابطيَّة اعتنقوا الإسلام، بالإضافة إلى تشبُّث شعب "سونينكي" بالعقيدة الإسلاميَّة من ذلك العهد إلى يومنا هذا.
وعلى الرغم من جهود المرابطين ومسلمي غانا بقي الإسلام محصورًا في رقعةٍ جغرافيَّةٍ صغيرة، إلى أن برزت مملكة مالي في الساحة السياسيَّة في المنطقة، والتي حملت الدين الإسلامي إلى أدغال ومجاهل غرب إفريقيا كلِّه.
في أي الموضوعات عن إفريقيا تفضل أن تقرأ؟
- التاريخ القديم
- تاريخ دخول وانتشار الإسلام
- تاريخ الممالك الإفريقية
- الحضارة الإسلامية في إفريقيا
- أعلام إسلامية في إفريقيا
التعليقات
إرسال تعليقك