ملخص المقال
شهدت ضاحية بوارسو مطلع الأسبوع الماضي في بولندا تظاهر عشرات الأشخاص احتجاجًا على بناء مسجد جديدقصة الإسلام - رويترز في مشهد مألوف في بعض الدول بغرب أوروبا، لكنه غير معهود بالنسبة إلى بولندا، تظاهر عشرات المحتجين في ضاحية بوارسو مطلع الأسبوع الماضي احتجاجًا على بناء مسجد. وتواجه خطط الأقلية المسلمة في بولندا لبناء مكان للعبادة ومركز ثقافي إسلامي معارضةً، في مؤشر على أن المخاوف بشأن الإسلام ربما تكون أخذة في الامتداد نحو الشرق إلى الدولة الكاثوليكية العضو بالاتحاد الأوروبي. وتظاهر نحو 150 شخصًا في موقع البناء الذي لم يكتمل بعد، والقريب من مركز المدينة حيث تبني الرابطة الإسلامية - وهي منظمة دينية أنشئت في بولندا عام 2004م- ما سيكون خامس مسجد في البلاد بترخيص من الحكومة. وقال محتج طلب عدم نشر اسمه لوكالة رويترز للأنباء: "هذه المراكز تكون في أحيان كثيرة جدًا مصادر لنشر التشدد". بحسب زعمه وحمل لافتة تصور المآذن كصواريخ وهي تشبه صورة استخدمت خلال استفتاء في سويسرا حين صوت المشاركون لحظر بناء مآذن جديدة. وردد آخرون هتافات قائلين: "دعونا لا نكرر أخطاء أوروبا والتسامح الأعمى يقضي على التفكير السليم"، وطالبوا الدول الإسلامية باحترام حقوق المرأة والحريات الدينية. وقال محتج عن البرقع الذي يغطي جسد المرأة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها وهو محل جدل عنيف في فرنسا: "انظر إلى ما يحدث بأوروبا". لا أريد أن تجبر ابنتي على ارتداء البرقع في المستقبل". وصوتت لجنة برلمانية في بلجيكا الأسبوع الجاري على حظر ارتداء البرقع والنقاب في الأماكن العامة. وقالت محتجة: "عشت في بلدة ببولندا حيث كانت هناك كنائس كاثوليكية ومعابد يهودية ومسجد وكان لا بأس بهذا. لكن إذا ذهبت إلى السعودية فأنني لا أستطيع ارتداء الصليب والكنائس التي أستطيع الصلاة بها". وتتكرر هذه الشكاوى في دول غرب أوروبا التي شهدت تدفقًا للمسلمين في العقود الأخيرة، مما جعل الإسلام ثاني أكبر ديانة. ويقدر عدد المسلمين في أوروبا بما بين 15 و18 مليون، ثلثهم تقريبًا في فرنسا. وكان الاستفتاء الذي أجري أواخر 2009 في سويسرا أقوى واقعة تشهد على رفض الإسلام كما توجد في ألمانيا وفرنسا نزاعات بشأن إنشاء المآذن والمساجد أو ارتداء الحجاب. ويقول زبيجنيو ميكوليكو من أكاديمية العلوم البولندية: "المشاكل التي نراها في فرنسا وألمانيا أو هولندا ستأتي إلى بولندا مع اتجاهها للتحديث حتى تلحق بركب غرب الاتحاد الأوروبي وتصبح أكثر جاذبية للمهاجرين من أجزاء فقيرة من العالم." وأضاف قائلاً لرويترز: "سيأتيننا الكثير من فقراء المسلمين من شمال القوقاز. وبالتالي فإن هذه الاحتجاجات تبرز الخوف من المستقبل والصراع المحتمل. ليس هناك تهديد الآن بالطبع لكن هذا يظهر أن الناس يتوقعون حدوث هذه المشاكل." وحتى الحرب العالمية الثانية كانت بولندا مجتمعًا متعدد الثقافات، حيث تعايش الكاثوليك مع اليهود والارثوذكس اليونانيين على الرغم من بعض المعاداة للسامية. وأبيدت أغلبية اليهود البولنديين والغجر والأقليات العرقية الأخرى تحت الاحتلال الألماني النازي. وفي بعض الأحيان تحمل الناجون القمع في ظل النظام الشيوعي الذي حكم بولندا بعد الحرب. وبعد 20 عامًا من سقوط الشيوعية لا تزال بولندا دولة متجانسة من السلاف الكاثوليك على الرغم من أن أعدادًا متزايدة من الأجانب تعيش في العاصمة وغيرها من المدن الكبرى كما تتركز الأقليات في بعض المناطق. ويقول ميكوليكو: "بدأت هجرة هؤلاء المسلمين الفقراء في التسعينات حين خاضت روسيا الحرب الأولى هناك. واستقر الشيشانيون في مجتمعات مغلقة بمناطق من بولندا يسودها ضيق الأفق، وبالتالي بدأت المشاكل الأولى هناك. "الآن رجال الأعمال من الطبقة المتوسطة من دول إسلامية بدؤوا يأتون" وأضاف أن جماعات المسلمين تميل إلى العيش بشكل منعزل. والى أن يكتمل إنشاء المجمع الجديد فإنه ليس هناك سوى مسجد واحد لمسلمي وارسو البالغ عددهم عشرة آلاف، وهو لا يتسع لأكثر من 200 شخص في فيلا تم تحويلها إلى مسجد بضواحي المدينة، وقال سامر إسماعيل رئيس الرابطة الإسلامية لرويترز: "نعتقد أن بولندا بحاجة للمركز الثقافي من أجل طائفتها المسلمة ولغير المسلمين أيضًا". وأردف إسماعيل قائلاً: إنه بالإضافة للمسجد المقرر أن تكون مئذنته صغيرة سيضم المجمع أيضًا صالة لعرض الأعمال الفنية ومطعمًا، كما ينظم دروسًا للأطفال واجتماعات عن حوار الأديان. وحصلت الرابطة على تمويل من رعاة في قطر والسعودية إلى جانب بولندا. وقال إسماعيل الذي جاء من الكويت إلى بولندا للدراسة عام 1986م وهو طبيب أطفال ويحمل جنسية بولندية ومتزوج من بولندية له منها أربعة أبناء: "ليس هناك سبب لوقف البناء". ويعيش ما بين 15 و30 ألف مسلم بينهم الكثير من المهاجرين من الشيشان في بولندا أكبر دولة شيوعية سابقًا بالاتحاد الأوروبي حيث يقول أكثر من 90 % من سكانها البالغ عددهم 38 مليون نسمة أنهم كاثوليك.
التعليقات
إرسال تعليقك